عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-2007, 02:55 PM   #[1]
عبدالله الشقليني
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي فَـرحٌ مِـن القـلب


[align=center]
فرحٌ من القلب
[/align]
(1)

يزحف العُشب على عُمري ويسألني ندى الصباح :
ـ أ أكملت الشمسُ دورتها اليوم ؟

قلت له برفق :

ـ بل هي تتفجرُ .

(2)

كنتُ أعرف أن نور دُنيايَّ حين أبصِرَكِ وتقذف صورتَكِ حِمَم الشوق والخفايا العِظام يُعاودني الفرح .العِشق حَببَ لي الكون وانتبهت أنني قطرة ماء تُشارك الندى الليلي تأمُله في الأفلاك والأنجُم والشُهب التي يصطادها طوق الهواء من حول أرضنا الفسيحة . في الليلة الظلماء تُضيء الأنجُم خافتة الضوء من بعيد ، و موَّارة بالجحيم إن لمَستها . مِثلَكِ خافتةٌ تضيئين كالحُلُم وتَغلي مَرَاجلي . من يتأمل عاطفتي تتوهج يعلمُ أن صدري مرسى للقوارب الحانية وأني السعيد بدُنيايَّ في الصفاء و لا أشتكي .

(3)

الوجد يُصلِح هندامه و العصافير تغمُرني بفيض غِنائها .كلٌ تُسابق أختها لتَمنحني الطرب وأنا السَّابح في بركة العِشق والغارقُ في مُتعة الترحال .

قلتُ للمعشوقة :

ـ انتصف نهاري معِكْ وشمس حُبكِ الحارقة لا تترُك لي مَلاذاً في الهجير . صَيفُها و صيف بلادي توأمان كلٌ يسير في أحراش كوكبٍ آخر . هي في الكوكب الدُريّ وشمس بلادي من غضب الإله ، فمن يعصُم النفوس من حرِّها حين تترُكينني مُعلقاً في ظل سحابةٍ تلوذ مُسرعةً بالفرار ؟ .

(4)

جاء يوم ميلادي كما تأتي المواليد كل يوم وكل ليلة : زحامٌ يركُل زحاماً آخر ، ورؤوسٌ تخرج من بيت الحنان المُستفيض إلى الصِراخ من أُكسيد الحياة . دُنيانا تُعلمنا الفروق بين ضوضاء الضجر وموسقة الماء في أحواضٍ تعزف أنغامها حين تضرِب الشُطآن في وقت السَحر .

قالت :

ـ اليوم عيدُ مَجيئكَ آخر مرّة إلى الدُنيا ، فقد تقلبتَ أنتَ من كون قديم : لِقاح مُتَحابّان من دُنيا سَحيقة ، تُفسِحُ في تاريخنا مكاناً أغربُ من خيال . ذاكرةٌ تستفيق من نومها وتُردِفُ ذاكرةً أخرى إلى أن جئتني اليومَ آدمياً بعنفوان الشوق يغلي باسمكَ في دمي .

قلت :

ـ اليوم في الأعياد لا يذكره أحدٌ سواكِ معي ، كيوم ارتجاج أمةٍ لها تاريخ لا يسُر . وحدها الطفولة تُضاحِك الأعياد وتتعَجّل الأفراح في غمضِ الزمان .

قالت :

ـ أ حزين أنتَ أن نحتفل وحدنا ؟

قلت فَرِحاً :

ـ بالأمس أُكملتُ دورةً وتدربتُ على الجلوس لأكتب اسمَكِ ملوناً بظلال الضوء وصورتَكِ البهية تسبحُ في ماء بلَّورٍ أمامي . أصنع لكِ عينين بألوان قُزح وأنظُر كيف يكتسي الثوب من نضارَكِ جسداً . الشَّعر لونته بألوان عاشق رَغِبَ و تمنى وحَزم أحلامه في وَسطه وفرَّ إلى الجنان .

ضَحِكتْ وقالت :

ـ ألا تخاف الجنون ؟

قلت :

ـ أي الرياض عطورها تتنفسُ . أي البساتين الخُضر تمُدّ يد السماح وتُفصِحُ. بخَطوَكِ عندنا تُميل حبات التُراب من النعاس إلى المنام في خَدرٍ لذيذ ومن ثِقلِ وُدَّكِ تبسُم الأطياف فرحاً ويأتي الربيع بلا مواسم .هُنا حُضورَكِ الندي باهرٌ نشتَمّ ريحانه عند التدنّي. ( فَيولين الحنين ) صوتَكِ حين تهمُسين والليل يُسرِع الخُطى والصبحُ يَخطُف طفلة الفَجرِ .

عبد الله الشقليني
17/07/ 2007 م



التعديل الأخير تم بواسطة عبدالله الشقليني ; 21-07-2007 الساعة 11:07 AM.
التوقيع: من هُنا يبدأ العالم الجميل
عبدالله الشقليني غير متصل   رد مع اقتباس