[عبدالله الشقليني]

[align=center]دُنيا العقل الباطن (1) [/align]
عزيزنا العقل الباطن .
تحية واحتراماً .

أنا لست بعيداً عنك .تقف أنت خلف كل ما أكتُب ، بل ومن وراء كل من يقرأ . أنت من وراء عينيه المُبصرتين . ماردٌ أنت ، قد مضى من عُمرك دهراً بل ملايين السنين . منذ النشأة الأولى نهض بُنيانك بذاكرة خُرافية الحجم ، حتى امتلكت الذهن و الوعي المُفكِر وعرجت لسماوات الإبداع .
وكما تغنى شاعر من شعراء العاميَّة السودانية عندنا :
( يا قريب مني بعيد .. )
أنت قريب من الذاكرة التي بها نَكتُب ، وبعيد عنا بغموضك . حاولت الديانات القديمة أن تعبر دُنياك ، وحاولت علوم النفس الإنسانية أن تتجول في مراعيك . تتبعت هي كيف تنمو الحشائش الطُفيلية وكيف تزرع أنت أرضك وتجني ثماركَ و كيف تطبُخ وتأكل وتشرب وتتنفس أو كيف تُحيك الدسائس !.
أنت كما أنتَ .. تنمو وتترهل وتتضخم ولا يهُمك شيء . يقول البعض إنك تتجول خارج الأذهان والأجساد أحياناً وتعبر الزمان عبر سفائن الخلايا والمراكب التي لا تتوه ، وقد تعبر بدونها أيضاً . تتنقل أنت رشيق الخُطى بينها . تدخل من الخلايا الدقيقة إلى الأجساد ، وعند نمو العقل المادي ( THE HARD WARE )، تُقيم المضارب و تفترش مكاناً لك وتجلس على كُراسي الحُكم وتتحكُم في
( THE SOFT WARE ) ! .
ربما يكون من الخير لنا أن نفتح لك ملفاً هُنا ، فقد ركبت أنتَ مركب الإنسانية و ملكت مواضع القرارات البشرية المصيرية الحاسمة . تُملي على الأصابع أن توقِّع . تُشاهد الخير ولا تمُدَّ له يداً كأن الأمر لا يُعنيك . مُبدع أنتَ تصنع الشرور والأعاجيب حتى ظنك كثير من علماء النفس البشرية صديقاً للشيطان . يظن كثير منا أنك مُبتدِع الشيطان في الحكاوي والأساطير والقص . البعض يراكَ صانِع الألعاب ومُدبر المكائد ، تتخفى بلباس وتصنع ما تُريد ويتحمَّل غيرك أوزارك ! .
أهلاً بك في سودانيات .
الأحباء هُناء مُشاغبون وطيبون .
لديهم حُسن النوايا فلا تمكُر عليهم .
وحدي أنا من ينظرك بعين الريبة والشك .
أهلاً بكَ مُجدداً .
وسنواصل .

عبد الله الشقليني
13/3/2006 م