عرض مشاركة واحدة
قديم 08-04-2008, 07:57 AM   #[44]
فيصل سعد
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية فيصل سعد
 
افتراضي

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=center]الوطنية والقومية .. في فكرالشريف حسين الهندي
بقلم : محمد عبد الجواد
[/align]

لاريب أن أبرز الملامح التي تميَّز بها فكر الشهيد المناضل/ الشريف حسين الهندي، هي إلحاحه المستمر على عروبة السودان؛ واعتبارها أساسا متينا للوطنية السودانية ؛ ودعامة راسخة من دعائم نشوئها وقوتها واستمرارها .. وتصديها لأعدائها.

وقد كان لهذا التأكيد - على ارتباط العروبة والإسلام في صياغة فكرالفقيد - أثره الحاسم في بلورة عقيدة الحزب الإتحادي الديموقراطي .. سواء على الصعيد الوطني الداخلي ، أو على صعيد علاقاته بالقضايا المصيرية ؛ التي نظر إليها المناضل الشريف حسين الهندي باستمرار، على أنها مترابطة، لايمكن التعامل مع جزء منها، وإهمال الأجزاء الأخرى؛ والدليل الذي لايُدحض على ذلك، أن الزعيم الراحل كان يرى في قضية السودان، مظهراً مكملا لقضايا العروبة ، من الخليج إلى المحيط .

وبهذا الإعتبار.. فالقضية السودانية والقضية الفلسطينية وقضية عروبة الخليج ، كلها وجوه لقضية عربية واحدة . إلاّ أن العروبة في فكر الشريف ، تكتسب وجهها الإنساني الشامل والبعيد عن الأدواء ، التي يحاول الشعوبيون دائما - سواء في تاريخ العرب القديم أو في تاريخهم الحديث - أن يلصقوها بهذا المفهوم الحضاري ؛ الذي يؤكد رافعوا رايات القومية باستمرار.. أنه إسناني غير عدواني وغير متعصب . وبالتالي .. فإنه يختلف عن النزعات (القومية) ؛ أي النزعات القومية العدوانية أو المصطنعة اصطناعا ، على حساب القوميات الأخرى . ومن هذا المنطلق يقرر الشريف بوضوح لالبس فيه : " نحن قوميون ونحن نؤمن بالقومية العربية .. لا نؤمن بها لوناً ولا نؤمن بها عرقا . نحن نؤمن بها حضارة .. ونؤمن بها لسانا .. ونؤمن بها قومية إنسانية إسلامية ليست عدوانية .. تعيش على الرضا والقبول والإحترام .. وتعيش مع القوميات الأخرى وتنصهر معها ؛ فنحن لذلك نؤمن بوحدة الأمة العربية ".

وبهذا الإعتبار ، فإن نزوع الشــريف حسين الهندي .. القومي ، نزوع إنساني الوجه ، إسلامي اليد ، عربي اللسان . فالقومية العربية عنده لحمتها الإسلام ، وسداها الإنسانية جمعاء ؛ وترجمتها الإجرائية : هي الوحدة العربية الشاملة من المحيط إلى الخليج . كما أن المناضل الشريف حسين كان من جهة أخرى ، يرى في هذه الترجمة - الإجــرائية للقومية العـربية - بعدا عمليا حدده بجلاء ، حين قال : " إن مشاكل الأمة العربية الإقتصادية ، أوالنضال ضد الإستعمار ، أو ضد الصهيونية ، إنما تُحل عن طريق الوحدة العربية ".

إذن .. فالقومية العربية ، هي العصب الحي في فكر الشهيد المناضل ؛ والترجمة العملية لهذا المذهب الإنساني ، هي الوحدة الشاملة . أما البعد العملي للوحدة العربية ، فتتجلى في ما يشتمل عليه من إمكانات هائلة ، قمينة بأن تجد الحل المناسب لمشاكل الأمة العربية . ومن الناحية الإقتصادية ، أومن ناحية التصدي للاستعمار ، أوالنضال ضد الصهيونية تحديداً ، وأكثر من ذلك .. فإن الشريف حسين الهندي يشير بدقة ، إلى تفاصيل المشروع القومي الذي ينضوي عليه فكر الحزب الإتحادي الديموقراطي ؛ عندما يقول بوضوح : " موقفنا هو وحدة الهدف لاستخلاص أرضنا المستلبة ، وحقوقنا المهدورة ، وخصوصاً في فلسطين والقدس . أما موقفنا من القومية العربية فنحن معها " . وردا على الذين لم يدركوا أن القومية العربية ، رسالة للإنسانية تهتدي بهدى الإسلام ، وتخاطب مختلف السلالات ، فإن الشريف المناضل يؤكد : " أننا لا نعتقد أن القومية العربية ناقضة لوجودنا الأفريقي ، فنحن المصير الحقيقي للإمتزاج بين المنطقة العربية والأفريقية " .

بهذا الشمول وبهده الدقة ، يرسم الشريف المناضل ، ملامح الصورة المثالية لمجتمع سوداني عربي المنزع ، إسلامي القلب ، سوداني الإنتماء. وبهذا الشمول وهذه الدقة ، يحدد أبعاد الفكر الذي يراه منهجا ومنبرا ، للحزب الإتحادي الديموقراطي . وبهذا الحــزب يشــير إلى الهدف الذي يراه ، الهدف الذي لا يُعلى عليه .. إذ يقول :

" إننا وطنيون وسودانيون وقوميون عرب ؛ نأكل أيادينا و نجوع ؛ ولا نأكل قضايا الوطنية والإنسانية " .

بل إنه يشير إلى صميم الغاية التي ينشدها الحزب الإتحادي الديموقراطي ، في نضاله وكفاحه ومسعاه .. إذ يؤكد دون لبس : " نحن حزب الحركة الوطنية ممثل الجماهير السودانية الكادحة العريضة ؛ من عمال وزراع وطلاب ، ومهنيين وفنيين ، وجنود وتجار ومثقفين . نحن أصحاب الأغلبية الجماهيرية الشعبية : في كل مدينة وكل قرية وكل حي ؛ وكل مزرعة وكل مدرسة ، وكل مصنع وكل ثكنة ؛ وكل حضر وريف وبادية .. وكل مغترب . نحن الأمناء والحراس على مسيرة هذا الشعب ومساره ؛ والحفظة على مكتسباته الوطنية وانتماءاته القومية . نحن الإشتراكيون : بالإلتزام نحو قضايا الكادحين من زراع وعمال ؛ ونحن الإسلاميون : بالولادة والفطرة والسجية والغريزة والعقيدة . نحن القوميون : بالمنشأ والإلتزام والإنتماء والتاريخ ؛ نحن الأحرار الديموقراطيون المتحررون فكرا ونضالا ومسارا ؛ نحن المعارضون لهذا النظام منذ ولادته : بالنظرة الوطنية والبصيرة القومية .. لم نحالفه ولم نصادقه ، ولم نهادنه ولم نشاركه ؛ دقيقة واحدة منذ نشأته وإلى يومنا هذا ؛ وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها".

من البديهي - تأسيسا على هذا البعد القومي والاشتراكي ، الذي يرسمه الشريف للحزب منهجا وعقيدة - أن يكون حلفاء الحزب هم نظراؤه في الفكر والعمل ؛ ولذلك فإن التحالف الذي توصل إليه الشريف المناضل ، لابد أن يكون تحالفا مع العروبيين ، الذين اختاروا العروبة منهجا ، والقومية انتماء .

وبالتالي .. فإن من المنطقي أن يقول (في مبررات التحالف مع حزب البعث العربي الإشتراكي - القطر السوداني : " أن هذا التحالف يقوم على ركيزتين " ... يحددهما بقوله :

" أولاً وطنياً : جميعنا نعارض هذا النظام ، ونتفق اتفاقاً كاملا وأساسيا على إسقاطه وإزالته .

وثانيا وقوميا : مع القضية العربية ، وخصوصا القضية المركزية في فلسطين ؛ موقفا محدداً؛

ذلك أن هذا التحالف هو : " في خدمة المصلحة الوطنية في السودان، وفي خدمة المصلحة
القومية للأمة العربية ، ونحن نعمل في تنسيق وطني وقومي ، لإنجاح الأهداف المقدسة للتحالف".

والواقع أن التحالف الذي يشير إليه الشريف المناضل ، هو الذي يقدِّم البديل القمين بإنقاذ السودان من الكابوس ، الذي يرزح تحت عبئه منذ انقلاب مايو المشؤوم . ذلك أن هذا البديل : هو التنظيم .. بل إنه بلغة الشهيد : " سياسة شعبية جماعية لإنقاذ البلد ؛ وليس رجلا واحداً يشار إليه بالأصبع ، أو يُسمَّى بالإسم ؛ البديل هو : حكم وطني وقومي .. لإنقاد البلاد ".

أما الأساس الذي تتمحور حوله قضية الســودان - وطنياوقوميا - فهو معروف في فكر الشريف : إنه الموقف من النظام العسكري الفردي المتسـلط .. القائم في الســودان ، بوضوح وجلاء . ولهذا فهو يقول في واحدة من عباراته ، التي لايستطيع المرء أن يكف عن ذكراها وتكرارها : " إن أصبعي أو يدي أو ساعدي هذا ، إذا وقف مع النميري في مثل هذا الحكم الذي أرى ، ســأقطعه وأتبرأ منه .. حتى لن أُبْرِىء جرحه ؛ وإن أبي إذا بُعث حيا ، ســأقاطعه إذا وقف مع النميري ؛ وأن أي أخ من إخوتي ، إذا وقف مثل هذا الموقف ، فموقفنا منه موقف حاسم .. والعداء بيننا وبينه " .

لهذا انتصر الشريف .. ولهذا سينتصر فكره . لهذا وذاك .. سيحقق الشعب السوداني حلم القضاء على النظام المنهار في الخرطوم . وليست هذه أمنية الثوريين من خلفائه وحلفائه فحسب ، وإنما هي برنامج العمل ، الذي صاغه فكر الشريف حسين الهندي . ونحن على هديه رافعين لراياته ، حتى يتحقق النصر المؤزر ، على قوى الرِّدة والظلام ؛ وأن الصبح أقرب (إليهم) من حبل الوريد ..



التوقيع: اللهم اغفر لعبدك خالد الحاج و
تغمده بواسع رحمتك..

سيبقى رغم سجن الموت
غير محدود الاقامة
فيصل سعد غير متصل   رد مع اقتباس