عرض مشاركة واحدة
قديم 16-07-2006, 09:01 AM   #[1]
Ishrag Dirar
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية Ishrag Dirar
 
افتراضي صباح الخير ..أيها الوجه اللامرئي الجميل - رواية -عيسى الحلو





رواية : صباح الخير ..أيها الوجه اللامرئي الجميل
الكاتب : عيسى الحلو
الطبعة الاولى اغسطس 1997
الناشر : شركة دار الخرطوم للطباعة والنشر

الرواية في 207 صفحة
تصميم الغلاف : هيثم الطيب
قدم للرواية الكاتب الناقد: مجذوب عيدروس

اسم الكاتب قطعا هو الذي دفعني لشراء الرواية ، فانا اعرف الكاتب من خلال رواياته الكثيرة منذ ريش الببغاء مرورا بكل كتاباته في مجلة "الخرطوم" ثم النقدية منها في الصحف السيارة واخيرا وليس باخر هذه...!

عنوان الرواية : يثير الكثير من التساؤلات عن كنه هذا الجمال في وجه لامرئي ..؟ ويترك للخيال ان يشطط في تصوره .. لعله الفجر ... او لعله الليل ... ..؟؟

تقوم الرواية على ذاكرة البطل سليمان التي تتراجع وتحيا .. وتنتقل عبر المكان والزمان
وفيها كما ذكر العيدروس والذي قدم للرواية ، محاولة للخروج من الرواية ذات الصوت الواحد الي الرواية متعددة الاصوات ، اي انتقال من لون سردي تهيمن فيه رؤيا فردية احادية "البطل " الي منظور جماعي متعدد ومنفتح …

لفت نظري تكرار الفعل الماضي (كان) في الرواية بصورة كثيفة ومركزة .. تجعل الامساك بتلابيب الرواية في كثير من الاحيان غير ممكن . فكلما غصت مع احداث الرواية الي الاعماق جذبتني هذه "الكان" الي السطح والواقع دون احراز اللؤلؤ..

تبدأ الرواية :
" كانت باريس ..فكانت السفن .. كانت كلها تصب في قلب باريس .. فكانت نظراتهم الخائفة تشتهيها .. كانت كاترين تشعر بشئ حار .. كانت كتل الثلج .. كان شعور كاترين .. كانت تتأرجح .. فكان عالمها .. كان الامس يتهدم ...."
كل هذه "الكان" في الصفحة الاولى فقط .. فهي تفقد القارئ الاحساس بذات سليمان ومن ثم يبدأ البحث عن المتكلم او الراوي المندس بين السطور..
" وكما للناس حياة .. فكذلك للاشياء حياة ، فما الاختلاف بيني انا وسليمان وشجرة الكرز هذه ؟"
قرأت هذا السطر مرارا ومع ذلك لم استطع ان اعرف المقصود بانا هذه .."ص:30"

دون ان ادري وجدتني اصل الي مشكلة السرد الروائي الطويل النفس لدي كاتب الرواية – عيسى الحلو - والتي شرحها سليمان ولكن بطريقة علمية ،فهو يقول عن كتابات سالم البدري "ان ضمير الانا ينقلب فجاءة لضمير الهو وبالعكس " "ص:80"

"ان الذي بينهما نوع من الوصال يعبر عن خروج من الحصار والعزلة ، مشاركة وجدانية لا ندفع فيها ثمنا باهظا من متع الروح او الجسد " "ص:31"
الوصف هنا لوصال سليمان وسونيا ثم فجاءة انتقل الي خطاب تقريري ليحكي عن حال الانا او المجموعة ,... لم افهم

في راي
ان شخصية الناقد الادبي تتقمص المؤلف وتغلب على شخوص الرواية بحيث تصبح مفرداتهم نقدية ذات صبغة علمية دون وجود اي ارث تأريخي في الرواية لهذه الملكة او الموهبة . كحال سليمان وهو ينتقد رواية سالم البدري ، اسلوب نقدي متمكن وكأنك ترى عيسى الحلو خلال السطور فتزول عن القارئ نشوة الخيال المصاحب للرواية ، ثم حديثه عن اسلوب سالم البدري وكيف انه يبتكر خطابا روائيا جديدا متجاوزا الكلاسيكية الصارمة والرواية الطليعية "ص:79" على الرغم من ان الناقد مجذوب عيدروس ذكر في اشاراته (ان ظاهرة تعدد الاصوات في الرواية الحديثة تمنح اهتماما خاصا للمنحى الحواري في الرواية ، فهي تحرر الشخصية الروائية من رقابة المؤلف وتمنحها حرية واسعة في الحركة )

كلما اوغلت في قراءة الرواية ازداد عندي الاحساس بان في ذهن الكاتب رؤى كثيرة ومتداخلة ومتشابكة ولكنها تفتقد الي ذلك النفس الروائي الطويل ، ربما هي ارث كتابة القصة القصيرة لدي الكاتب. فالاحداث تتلاحق تارة حتى لا يستطيع القارئ اللحاق بها ويصاب باللهاث ، وتبطئ تارة حتى يصاب القارئ بالملل ويحس بالنعاس . كأن مقياس الرسم غير دقيق لخارطة الرواية الزمنية ...!

"اتيت لادعوكما لحفل تنكري اقيمه ليلة غد كنوع من اللهو " "ص:38"

ثم تتوالى الاحداث تباعا
"اخذ الطقس بباريس في الاعتدال ، اذ لاحت بوادر الربيع ... نوقشت رسالة سليمان لنيل الدكتوراة ......" "ص:39"
ثم
"في السابعة والنصف مدت الموائد في البهو الكبير وجاء المدعوون يرتدون اقنعة ملونة " "ص:40"

اخيرا
انفك اسار سليمان واطلق العنان لخياله وهو يتحدث عن راقية سليم المرأة التي يعرف .. فكان وصفه لجسدها حارا كحرارة البلد ، اما وصفه لمشاعرها المتضاربة وروحها الهائمة فقد كانت قطعة شعرية – رغم قصرها – الشئ الذي لم يفلح في جعله طبيعيا كهذا عندما وصف كاترين فرتنسواز وسونيا – والذي استغرق نصف الرواية –
كأنما النوستالجيا قد غلبته تماما حينما وصف راقية ، وكأنما جليد باريس وثلوجها وغربة مشاعره حالت دون ان يحس بجمال تلكم النسوة احساسه بهذه ، فكان وصفه لهن قاصرا وباردا كجو المدينة .

"جسد كالمدن القديمة ، وروح مراهقة كالنمر الطالع تمشي في طرقات ام درمان مكشوفة في عريها الجارح " "ص:54"


"عينان تشرقان كشمسين في سماء الذهول والجنون ، هما صخب الحياة حينما يتدفق من النبع ..." "ص:54"
وصفه لراقية قطعة موسيقية ...!

" دخل سليمان في نوم فراسواز واخترق احلامها من اقصاها لادناها " "ص:95" لم ار تعبيرا اصدق من هذا لالتحام روحين متناحرتين ...ففرانسواز تقاتل بكل قواها –في نومها- سليمان حتى اخذت تتراخى تراخيا عذبا وسبحت ملتاعة يكل اذى حلمها المرعب الذي يضرب نومها ضربا مؤذيا وممتعا ...

تصوير احتضار سليمان كان بديعا .. كل التداعيات والاخيلة والطيوف تمّر كما الشريط السينمائي في يوم مقداره نصف قرن من الزمان . وقد اظهرت معاناة سليمان في حب كاترين بصورة عميقة ومؤثرة الامر الذي لم تستطع كل صفحات الرواية السابقة في تصويره بهذه الدقة .

" تظهر الحياة كلها في كليتها بلا تحديد ، صورا من الدخان او البخار او السراب ..شفافة ،غامضة كما لو كانت مرسومة بعروق الزجاج والثلج والحلم والشعر ، فتأتي الصور صورة بعد اخرى في مجال من الارسال الالكتروني الكوني وتنطبع على شاشة الوعي البلوري في ابعاد المسافات اللانهائية " "ص:112"

في رأي ان الشخصية النسائية "سوزي ديفيد" قد تم اقحامها في الرواية ، وقد حاولت فعلا اعادة قراءة الرواية بعد ان حذفت منها الصفحات التي تخصها فوجدت القصة تستقيم تماما .
التركيز على مفردة الوجه اللامرئي وتكراراها في احداث عدة ، ومحاولة الكاتب توضيحها وشرحها لتأكيد معناها والمقصود منها .. لاتدع للقارئ اي مجال للتصور والخيال .

كان ينبغي ان تنتهي فصول الرواية بموت سليمان دون اضافة اي حدث اخر فهو محور ومرتكز الحوار الروائي وعليه تقوم كل احداث الرواية في كل الازمنة والامكنة المختلفة وبموته انتهت الاحداث ووصلت الي ذروتها الطبيعية



...................زز



التوقيع: [align=center]
"فبأي قلبٍ فيّك تصلُبني مسيحاً في صليب الأنتظار ...؟"
"عالم عباس"
[/align]
Ishrag Dirar غير متصل   رد مع اقتباس