عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2017, 06:16 PM   #[1]
imported_معاوية محمد الحسن
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية imported_معاوية محمد الحسن
 
افتراضي فرآنك الباحثُ عن أسنانِ الموتيَ في دأبٍ!

أخذتُ أتطلعُ إلي وجهِ (فرآنك) لبُرهةٍ من الوقت ، كان متغضنِاً و ممتَقِعاً ، أو هكذا بدآ لي ، و كانت البُثورُ الحمراءُ قد تناثرت علي جبْهتهِ و خديهِ ، أما عيناهُ فكانتا ترُسلانِ وميضاً خافتاً من خلفِ نظارتهِ السميكةِ ، بينما سلسالهُ الأصفر ما يفتأُ يتأرجحُ علي صدرهِ المُغطيَ بالشعر الأشقر . هتفتُ : دنتْ ساعةُ الرجُل ! ، ثم وثبتُ كالنّمرِ باتجاههِ ،أرومُ أن أقضي عليهِ دفعةً واحدةً ، لكننيّ أحسستُ حرارةَ ساعدايّ تخمُدان , و أنفاسيَ تتتصاعد ،ثم تركُنُ إلي سكونٍ مفاجيءٍ ، ذاك السكونُ الذي يعتريّ الغريقَ حين يستسلمُ لقوةِ و عنفوانِ التيار. كانت تعابيرُ (فرآنك) خليطاً من تصاويرَ شتيّ مختلفة ، لمحتهُ يتراجعُ قليلاً نحو الوراءِ ، ثم يقفُ عاقداً كلتا ذراعيهِ علي صدرهِ و يبتسمْ . سقطتُ أرضاً ثم هممتُ بالنهوض مرةً أخري ، مُحاولاً أن أتقدمَ بإتجاههِ كي أُحطِمُ رأسه ، لكنّ ثمةَ قوةٌ قاهرة جعلتني لا أقوي علي شيءٍ . كانت صورتهُ تتعملق أمامي و كأنه أحد طيورُ الرُّخِ الخرافيةِ .لم تُسعِفني قوةُ الأنتقامِ كي أُحطم الشيطان المآثلَ أمامي . شعرتُ أنني بازاءِ شبحٍ هُلامي ،يفغرُ فاه الضخم و كأنه سيلتهمُ القريةَ كُلِها .

الكائناتُ تتداعي أمامي و الخواجةُ منتصبَ القامةِ ،يُبحلِقُ في وجهيَ المذعور هازئاً . فكرتُ أن أصرُخ و أُنادي العالمين ، لكنني طفقتُ أبحثُ عن صوتيَ فلا أكادُ أعثرُ عليهِ .تمنيتُ لو كان أبيَ مآثلاً الآن ، لربما كنتُ أكثرَ جُرأةً و إقداماً . أخذتُ أزحفُ علي بطني ، انفاسي تتقطع و فمي يُزبِدُ ، و هبطت برودةٌ عنيفةٌ علي صدري و ساعديّ ، شعرتُ أطرافي و قد تيبست ، صرتُ أُكورُ قبضة يداي و أهويِ بِهما علي الأديم في عنادٍ ،حتي لا أُحِسُ أنني ميتٌ . قاومتُ ضعفي . أرتفع جسدي من الخلفِ قليلاً حين زحزحتُ قدميًّ في صعوبةٍ بالغةٍ . أنا لستُ عاجزاً عن المقاومةِ و لكنني ميتٌ .!
لا ..لستُ ميتاً تماماً و سأنتقم .تسارعتْ نبضاتُ قلبي أكثر ، أيقنتُ ساعتها أني لم أزل حياً ، فقط قدمايَ أصابتهما قشعريرةٌ فريدةٌ في نوعها . رُحت أُفكِر: هل من المحتملِ أن المستر (فرآنك) إنسيٌ علي هيئةِ الجآن أم أنه جآن علي صورةِ الإنسان ؟

حاولتُ أن أقرأً شيئاً من القرآن لكنَ جوفي كان خالياً من آياتِ اللوحِ المحفوظِ ، ليس ثمة أيةٌ واحدة كانت تَختَلِجُ في فؤادي ساعتئذٍ ، بالكاد عثرتُ علي إسم الجلآلةِ الأعظم فأخذتُ أهتِفُ بهِ و جسمي يتصببُ عرقاً .
عند ذآك الحين ، رأيتُ الشمسَ و هي تعبُرُ الفضاء من الشرقِ الي أقصي دائرةٍ في الغرب ثم تميلُ برأسِها ناحية الأفقِ البعيد و كأنها ستسقطُ علي صفحةِ النيل،عندها فقط ،رفعتُ بصري بإتجاهِ قامةِ العملاق المرتفعةِ في الفراغ في يأسٍ بائن.دفعتُ إليهِ يديّ كي يلتقطني من الأرض، و كأنني شخصٌ واقعٌ في قعرِ بئرٍ مليئةٌ بالحيآتِ و الدوآهي، يلتمسُ النجدةَ .

منذُ تلك اللحظة التي إمتدت إليَّ فيها يد الخواجة فرآنك ، ألجمتْ قوةٌ سحرية غامضةٌ براكينَ العُنف و الثورةِ في داخلي ، فتحولتِ العدآوةُ إلي محبةٍ ، هكذا آلفيتُ نفسيَ مُتَورِطاً بالعلاقةِ الأثمة . صار (فرآنك) جرِّيتمي التي لا تُغتفر ، و أضحيتُ قَدَرهُ الذي لا فِكاكَ منه .و عند أولِ المساء ، نفضتُ عن جسدي غُبارَ وقائعَ معركةٍ خاسرةٍ ، ثم مشيتُ باتجاهِ البيوت ، مثلما يمشيِ جُنديٌ مثخنٌ بالجرآحِ و الهزيمةِ ،و كانت القريةُ في تلك الساعةِ ، قد أخذت لتوِّها تستعيدُ هدوئَها و ظُلمَتِها الحالكةِ!

عن (تباريح الخوآجة فرآنك )...
معاوية محمد الحسن ..
يوليو2016-فبراير2017[/B]



التوقيع: أعشق عمري لأني اذا مت أخجل من دمع أمي ... ( محمود درويش )
imported_معاوية محمد الحسن غير متصل   رد مع اقتباس