عرض مشاركة واحدة
قديم 17-04-2012, 11:11 AM   #[10]
خال فاطنة
:: كــاتب نشــط::
الصورة الرمزية خال فاطنة
 
افتراضي

لم تسلم الحياة الفكرية والسياسية في السودان من مثل هذه النماذج حيث قامت منذ وقت مبكر أحزاب ذات توجهات أيدلوجيا وأصبحت جزء من الواقع السياسي . ولعل أبرز هذه الأحزاب في السودان الحزب الشيوعي السوداني والجبهة الإسلامية السودانية واللذان قامت على أكتافهما أعتى تجربتين شمولييتين في تاريخ السودان. إضافة إلى حزب البعث العربي و الذي أتى بذات النموذج في بعض الدول في المحيط الإقليمي

أكثر ما يميز هذه الأحزاب ذات التوجه الأيدلوجي أنها تعيش حالة من الفصام والازدواج في ممارستها السياسية . وانفصام الشخصية كمرض نفسي يعني في أبسط صوره أن يعيش الفرد بأكثر من شخصية وهي حالة مرضية تطمس وتصيب الهوية الفكرية والنفسية .
يصبح الفصام أكثر خطورة عندما يكون سمة نفسية ملازمة لحزب.
تتجلى حالة الفصام لدى الحزب الأيدلوجي في أنه يعيش بوجهين أو عقلين أحداهما ظاهر والآخر باطن . يرتبط العقل الظاهر دائماً بحالة المعارضة... أما العقل الباطن فيبرز للوجود عند الاستيلاء على السلطة .
الحالة الأولى أي (العقل الظاهر ( دائماً ما يتقمصها الحزب الأيدلوجي عندما يكون معارضاً ، ويرتبط خطابه في هذه الحالة بشعارات مثل (الديمقراطية ، التعددية ، حقوق الإنسان ، المرأة ، ...إلخ ( حيث يحاول ان يخاطب اكثر القضايا الوطنية نبلاً؛ هذه الحالة يتقمصها الحزب بإعتبار أن جو المعارضة دائماً ما يضعه في ظروف يكون فيها مضطراً إلى أن يكون قريباً إلى وجدان الناس وهمومهم وقضاياهم . وحتى يتمكن من إستقطاب أكبر قدر من التعاطف لعمله المعارض ، كما يأتي هذا الاضطرار كذلك لمسلمة مفادها أن الفكر الإنساني السوي والصالح قد تجاوز مفاهيم مثل الشمولية والحزب الواحد حيث أصبح من المخجل المجاهرة بمثل هكذا رؤى.
تمثل الحالة الثانية (العقل الباطني) الوجه الحقيقي للأيدلوجيا. حيث يشير علماء النفس إلى أن العقل الباطن يختزن حقائق الشخصية وتجاربها الخاصة . ترتبط هذه الحالة دائماً بالاستيلاء على السلطة وممارستها وتجعل هذه الحالة خطاب الحزب وممارسته على النقيض تماماً لما كان عليه في الحالة الأولى . وتتجلى هذه الحالة في الاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم تأسيس نظام شمولي يصادر الآخر ويقصيه، و التأسيس لخطاب ايدولوجي شرس وما يتبع ذلك من انتهاكات وخطايا في حق الإنسان والقيم .



خال فاطنة غير متصل   رد مع اقتباس