عرض مشاركة واحدة
قديم 25-02-2010, 12:18 AM   #[43]
جيجي
:: كــاتب نشــط::
 
افتراضي

صديقتي الجميلة ..دعوني اسميها جميلة..لانهاهي فعلا كذلك..جميلة-بيضاء- رقيقة
كنا نسكن نفس الحي ..هي تسكن في المنزل المجاور لمنزلنا..ذلك الحي الذي كان معظمه تحت الانشاء اتت للعاصمة من احدى اقاليم غرب السودان مع والدها هربا من ضنك العيش
كان ابوها يقوم بحراسة احد بيوت المغتربين الذي ما زال تحت الانشاء فاتي بعائلته للسكن في البيت فصرنا جيرانا
كانت هي في الثالث عشر او يزيد قليلا لاتمتلك في الدنيا الا ذلك الجمال الذي لا يخفى على احدوذاك الخجل الذي تتوارى خلفه كل الهموم
وبحكم حق الجيرة وتبادل المنافع ..كانت تاتي لمساعدة والدتي مقابل بعض المال
خفة روحها جذبتني اليها وقررت التقرب منهاودعمها بشتى الطرق كنت اقف بجانبها في المطبخ في اوقات فراقي كنت حين تطلب منها امي ان تاتيها بشيء او عمل شيء ابادر انا بجلبه واسابقها بعمله
كانت تاتي لتجلس الي في بعض الاحايين تحكي لي عن ذلك العز الذي اضاعته جدب الحياة وقسوتها وعن الكثير من سر حياتهم وعاداتهم وتقاليدهم بكثير من الرضى كنت ادعوها لمشاركتي البرامج التلفزيونيه والذهاب معي للتسوق او لزيارة صديقاتي تطور الامر بيننا عندما اعلنت عن رغبتها في التعلم فقامت والدتي بالحاقها باحد المدارس المسائيةوصرت انا اتابع معها دروسها
اعجبني كم ذكاءها ورغبتها الملحة لمعرفة كل شيء كنت اقدم لها الكثير واسعد بمحاولاتها تقديم كثير من الخدمات لي خفية
مرت عامان ونحن نزداد اقترابا انتقلت خلالها للاقامة معنا بعد ان اضطر والدها للرحيل بعيدا فأجانا والدها يوما بحضوره معلنا ان ابنته تقدم لها ابن عمها ويجب ان تتزوج فرحنا كثيرا للخبر وتم الزواج وسافرت صديقتي للغرب للانضمام لزوجها واسرته
اختلطت في عيني دموع الفرح بدموع الحزن وانا اودعها وهي في اجمل هيأتها واجمل لحظاتها
تمنيت لذلك القلب الصغير الكبير ان ينال حقه من السعادة والحب والفرح الذي المحه في عينيها
مرت خمس سنوات
وفي احد الايام فأجاتنا صديقتي بزيارتها..كما فعل والدها تماما من قبل لم اتعرف البها للوهلة الاولى..يا اااااااااااااااالهي ..ماذا يحدث في الدنيا ..اين ذهب كل ذلك الجمال..وكل تلك الحيوية
امرأة كانها في اواخر الثلاثين وهي لم تتخطي االواحد وعشرون ربيعا بعد ..زائعة العينين كأنها لم تتذوق الطعام منذ ان ذهبت..باهتة اللون..تري الحزن والبؤس يوصم كل تفاصيلها
-سيدتي الجميلة
ماذا حدث لك ..ومن فعل بك كل هذا
روت قصتها وكانت الكلمات تخرج منها انينا وفي بعض الاحيان نويحا
بعد عدة شهور من زواجها تركها زوجها باحثا عن الهجرة
هاجر الي بيروت..تركها مع اهله هناك..ظلت تنتظره وكانت حاملا انقطع خبره بعد عدة اشهر
كانت تعيش فيهما ضنك العيش لم تعد تعرف عنه شيئا
وضعت مولودها الاول الذي عانت في ولادته اصرت والدة زوجها ووالده على عدم مغادرتها بمولودهم الى ان ياتي والده..وكان والدها اكثر تحللا فهو لم يكن قادرا على اطعامها فكيف وهى تحمل فوها اخرا يحتاج للكثير
كانت تعاني قسوة الحياة وقسوة الوحدة وبعاد الاهل..تفننت والدة زوجها في ازاقتها كل انواع العذاب والزل نتيجة احتجاجها على وضعها..اصابها المرض..وقاربت الموت
عندها قالوا لها ان ارادت الذهاب عليها ان تترك ابنها لديهم فلم تجد بدا من الرجوع لوالدها على ان تاتي بعد العلاج من اجل ولدها
لم يتعرف عليها والدها ولا والدتها بعد ان تبرع احد اقاربها بارجاعها الى اهلها وهي بين الحياة والموت
عندما استعادت عافيتها اتي من يخبرهم ان زوجها يعيش مع احد اللبنانيات هناك وقد نسي امرهم تماما وتبرع باعطائهم رقم هاتفه عند الاتصال به تنصل عن كل شيء حتى انه ساومها في ابنه
وقال انه سيطلقها فقط ان رضيت ان تعيل ابنه الذي لم يره بعد وتقوم بتربيته على الا تطالبه بشيء بعدوالا ستظل هي كذلك وسيظل ابنها بعيدا عنها..حتى خيار امومتها صار فرضا
وكعهدها سجدت الامومة بين يدي كل ذلك الظلم
من اجل فلذة لا زالت يرتجف كبدها شوقا لهاحين اتت كنا قد فارقنا الوطن منذ حين ..واتينا في زيارة للوطن لبعض الوقت
قالت ان ولدها الان يقيم مع اهلها بعد ان تنازلت عن كل حقوقه لدى والده في احد اطراف العاصمة وانها تعهدت لوالدها ان تخرج مرة اخرى للعمل من اجل ولدها
اخذتها امي لجدتي التي كانت ايضا في حوجة لمن يظل معها بعد ان تفرق الاولاد والبناتواخذتهم سنه الحياة بعيدا
وعادت جميلة كما كنت..ونضرة كما كانت..كنت دوما اتحسر من اجلها..اترى ستظل تحمل ذنبا لم تشارك في اي من فصوله..اترى ستظل طوال عمرها تدفع الثمن من شبابها وعمرها الغض...اتنتهى الحياة هنا قبل ان تبدأ تماما
حرام ان تقضي عمرها هكذا من اجل ابن ذنبها الوحيد انها انجبنه من رجل لايفقه معنى الابوة..ولكن يبدو ان الانسان دوما لا يجيد تقدير الاشياء
ظلت صديقتي تذهب كل خميس لولدها وعائلتها لتعود يوم السبت لمواصلة عملها..كنا حين نذهب في زيارة تاتي لتقيم معنا
في اخراخزيارة لي لاحظت انها تتحدث في الموبايل كثيرا وانها دوما تكون سعيدة حين تلك ا لمكالمات..سالتها يوما عن سر المكالمات..وانا ادري انها تتميز بسيرة عطرة
قالت لى في خجل يمتزج ببعض الحزن
فلان احد ابناء قبيلتنا
يريد الزواج بي
وانا ارفض من اجل ولدي
-انت هل تريدينه - الا تخشي ان يفعل بك ما فعل الاخر
-الاخر كان سئي السيرة وابي كان يعرف ذلك ولكنه ابن عمي ولا يستطيع ابي غير ذلك
اما هذا الرجل فيشهد له الجميع بحسن خلقه
-اذا توكلي على الله
-لا استطيع ترك ابني والااستطيع اخذه معي هو على قدر حاله ولااستطيع ان اجبره بتربية ابن تخلى والده عنه
-اذن اشترطي عليه ان تستمري في عملك من اجل ابنك
-لا استطيع ترك ولدي لوحده في بيته وانا اعمل -هناك في بيت ابي امي واختي يراعونه
انتهي حوارنا وانا ادعوالها
-
قبل عدة ايام اتاني اتصال منها ان يوم الجمعة زواجها
-الف مبروك-ماذافعلت
-اشترط عليه والدي ان اظل في عملي-وان يظل ولدي مع اهلي
وان ياتي هو الينا في عطلة نهاية الاسبوع وان يرجع لاهله حين عودتي لعملي
-هتفت دون وعي
فليحيا الايثار
من اجل صديقتي ومن اجل كل من مر بظروف لم تسمح له بممارسة حقوقه كاملة
ومن اجل من سعت لصون نفسها وهي في قمة جمالها
من اجل من طوعت الظروف لتحيا بشرف
فلتحيا السعادة وان كانت رحيقا
ولتحيا عدالة السماء
ولتسقط عدالة البشر






التعديل الأخير تم بواسطة جيجي ; 15-01-2013 الساعة 05:49 AM.
جيجي غير متصل   رد مع اقتباس