الغزل بمرابيع النجوم والشاعر عبد الله ود شوراني
أكرمني الأخ الصديق عماد آدم بنسخة نادرة من كتاب عن الشاعر الشعبي عبد الله حمد ود شوراني له الشكر الكثيف. الكتاب من تحقيق النيل أبوقرون ونشر كلية الآداب جامعة الخرطوم (يوسف فضل) 1970.
تتعدد الأبواب فيه بين فخر وغزل ومديح ، كما تجد فيه الحكايا الشعبية. سوف أنشر هنا في حلقات قصيدة عبد الله ود حوراني الغزلية التي يساير فيها مرابيع النجوم. قسم العرب أيام السنة الثلاثمائة وستين وخمسة إلي "عِِيَنْ" وهي مرابيع النجوم وعددها ثمان وعشرون "عينة" لكل "عينة" ثلاثة عشر يومآ عدا "عينة" الجبهة فهي أربعة عشر يومآ وتكون كل فصل من فصول السنة الأربعة سبع عين. يتكون فصل الصيف من العين الآتية : (1) النطح (2) البطين (3) الثريا (4) الدبران (5) الهكعة (6) الهنعة (7) الذراع ويتكون فصل الخريف من : (1) النترة (2) الطرفة (3) الجبهة (4) الخيرصان (5) الصرفة (6) العوا (7) السماك وفصل الشتاء يتكون من : (1) عريج (2) الغفر (3) الزبنان (4) الاكليل (5) الشولة (6) البلده (7) النعائم ويتكون الربيع من : (1) سعد ذابح (2) سعد السعود (3) سعد الأخبيا (4) سعد بُلع (5) الفرق المقدم (6) الفرق المؤخر (7) الحوت وهذه العين هي أسماء نجوم ولها منازل ، يحل الفصل أو العينة بظهور النجم في شفق الصباح. وهذا هو حسابهم وتوقيتهم الذي يعتمدون عليه. وهو حساب مضبوط دقيق. ولنبدأ الآن مع شاعرنا ود شوراني في غزله بمرابيع النجوم ولنعش معه حبه الذي يتجدد وتتجدد آلامه وتزداد عليه كلما دخلت عينة جديدة طوال أيام السنة. ولنبدأ بفصل الصيف الذي بدأ به، وقبل الدخول في شعره أريد أن أوضح أن فصل الصيف عندهم يبدأ بعينة بعينة "النطح" ويوافق ذلك اليوم الحادي والعشرين من شهر أبريل في كل عام تقريبا. الصيف 1- النطح [align=center]غَابْ نَجْم النًطِحْ والحَرْ علينا اشْتَدً ضَيًقْنَا وقِصِرْ ليلُه ونِهَارُه امْتَـــــدً نَظِرة المِنو لِي القَانُون بِقِت اتًحدي فَتَحَتْ عِندِي مَنطِقْة الغُنَي الْ انْسَدً [/align] يقول ود شوراني أن الصيف قد دخل بأوله (عِينةِ) "النطح" فاشتد الحر وضيق علي الناس سكني البيوت ، حتى بيوت الشعر التي يسكنونها في تلك الفجاج. ويورد ود شوراني من خصائص فصل الصيف ليله القصير ونهاره الطويل "قصر ليله ونهاره امتد" بدأ ود شوراني غزله العلمي مع بداية فصل الصيف وهاهو يذكر السبب الذي جعله يقوم بهذا المجهود الكبير الذي لم يسبق عليه- وهو يقول شعره الغزلي علي مر فصول السنة- فالسبب هو نظرة من حسناء ذهبت بعقله وجعلته يتحدي القانون .. القانون العرفي الذي يعرفه هو ، فيقول ان هذه النظرة "نظرة المنو للقانون بقيت اتحدى" قد ايقظت في نفسي موهبتي الشعرية "فتحت عندي منطقة الغني ال انسد" فهذا الميدان لم يكن معروفآ لدي بقية الشعراء . كان مسددا لا يصل إليه خيالهم، وكان بعيدا عن خيال ود شوراني نفسه لو لا تلك النظرة التي فتحت له الطريق . وها قد غاب نجم النطح فماذا بعده ؟ ونواصل مع مرابيع النجوم وإلي (البطين) .... _____________ عبد الله حمد ودشوراني من قرية أم شديدة بنواحي أبودليق داخل حدود مديرية الخرطوم. وينتمي إلي قبيلة المرغوماب وهي فرع من فروع قبيلة الكواهلة. |
اقتباس:
والبرتكان برضو بفتح جروح تانية .. |
[align=justify]يا خالد ده كلام جميل ومهم جدّاً ..
شكراً أن لم تفضّل الأكل لوحدك. الكلام عن العِــيَــنْ يعرفه أهلنا المزارعين تماماً ويعتمدون على معرفتهم تلك في مواعيد زراعتهم وحصادهم للمحاصيل المختلفة. يعني مثلاً في أغسطس يقولوا لك دي عيــنة زراعة الشتل (التمر)، وهكذا. إضافةً على ذلك فإنهم يعتمدون أيضاً على الشهور القبطية في الزراعة، مثل أمشير لزراعة القمح والفول. ود شوراني هنا قد أضاف بعداً ادبياً راقياً للبعد الفلكي والإقتصادي. متابعين.[/align] |
(2) البطين
[align=center]شَالْ بَرْق البِطين رَقَصَنْ دَبَادْبُه ورشًو وِينْ النايرة -يا خِلاًيْ- مِرايةْ وَشُـــــــــــو عَاشقِي العِندُو حَقْن المُويَة ضَايِق خَشُـــو سَهْرَان فَاقْدو بِي عِلًقُو لَيْ وغَشُـــو[/align] تهطل الأمطار في فصل الخريف عادة ولكن في بعض السنين تهطل في الصيف. ويقولون عندما يكون الأمر كذلك "نتج الصيفي" والاحتمال الغالب هو أن تظهر البروق في فصل الصيف دون هطول أمطار. والحر في فصل الصيف يضيق الحياة علي كل مخلوق حتى الدواب والحشرات فتخرج الثعابين من أجحارها لشدة الحر وتلجأ إلي الأشجار . وهاهو ود شوراني يمثل هذه الصورة حين حلول عينة (البطين) التي قد ينزل فيها مطر خفيف في الغالب فيقول "شال برق البطين رقصن دبادبو ورشو" فكل شيء تحرك من مكانه ومسكنه لشدة الحر، وكذلك تحرك قلبه شوقا إلي محبوبته التي يمثل وجهها بالمرآة النائرة فيتسائل " وين النايرة -يا خلاي- مراية وشو" يتسائل عن حبيبه الذي يعرفه جيدا فهو كثير الوعود مخلفها ، كما هي طبائع الحسان وها هو يورد هذه الحقيقة في أسلوب من صميم البيئة التي يعيش فيها "عاشقي العندو حقن الموية ضايق خشو" فهم يخمرون اللبن حتي يصير "روبا" ثم يفرغ أو يحقن في "سعن" مصنوع من الجلد ويهز لمدة طويلة يستخرج منه الزبد ويبقي "الروب" يستعمل للطعام وهذه العملية اسمها "هز الروب" أو "خش الروب" ويبدو أن كلمة "خش" تصويرية ناتجة عن الصوت الذي يحدثه الهز. فماذا نال ود شوراني من محبوبه ؟ نال ما يناله الذي "يهز الماء" (عاشقي العندو حقن الموية ضايق خشو) فهي عملية طويلة شاقة ودون نتيجة سوي التعب وبذل الطاة بغير طائل . ورغم كل ذلك يقول ود شوراني أنه افتقده كثيرا . "رغم الغش" ورغم "التعليق" وخلف الوعود. لأن الذي فتح عنده هذه المنطقة من الشعر التي لم يسبق عليها ما هو إلا نظرة من حبيبه هذا لا أكثر. لذلك فه يكتفي بالنظرة ولا يأبه بخلف الوعود كما يقول "سهران فاقدو بي عليقو لي وغشو" . ______________ تتواصل القصيدة...... |
اقتباس:
|
اقتباس:
أعرف أن أمشير عبارة عن فترة فيها غبار عالق كثيف "وعشان ما تبكي ببكي أنا واحاكي الطرفة في عز الخريف بكاي" تعرف يا صاحبي نحن بكانا ده خمج ساكت يشهد الله |
يا خالد
نَظِرة المِنو لِي القَانُون بِقِت اتًحدي ابو الزفت الناس دي بس قاعدة على الهبشة :) شفت القانون دا مسكين كيف (من زماااااااااااااان ) |
العزيز خالد
تاني مسكتني من يدي البتوجعني ود شوراني و ود آمنة و ود الشلهمة ديل أبطالنا وأحبابنا في الكتاب حسبوا منازل المطر سبعة وأهل وسط السودان يحسبون الضراع والنترة أول منازل المطر والمنازل ثمانية في وسط السودان آخرها العوا والسماك وهذه أجمل فترة لأنها نهاية المطر والواطة تجبر وينتهي الطين والخبوب وتكبر الحملان وتكتسي الأرض بالمحريب والحنتوت والموليتة والتمليكة وكل أنواع القشوش وتنعدم الكتاحة التي تكون في الضراع والنترة التي تأتي قبل الدعاش وهذه الفترة ينعدم فيها الهجير والسموم ويكون العيش قد قوي وليس هنالك خوف أن يبرطج (ينكسر القندول قبل النضوج) وينتظر المزارع الدرت وهو الحر الشديد الذي ينضج العيش ولا يبقي سوي السكب والدق والسوريبة. ولهذا قلت في رثاء أستاذي مبارك بسطاوي الذي علمني الزراعة في توتي وساعدته في تشغيل معدية توتي [align=center]مبارك يا ود بسطاوي وسط الفوارس أمير كنت بدور أشوفك لكن غلبو المقادير والعرفتو منك البيجيبو الله كله خير في خير والعمر عارية وما بربطوه بي سير واللدر العشاري يوما بياكلو الصير يالعوا والسماك الما مداخلو هجير يا نسمة فجر في الفارغة ماك وكير[/align]شيخنا ود رية (العبيد ود بدر) الذي أعتيره في حكمة الشيخ فرح ود تكتوك قال لمن شاهده حاملا أدوات الزراعة مذكر الشيخ بان الوقت قبل منازل المطر فقال ما صار حكمة سودانية ومثلا (وكتين جانا نازل شن لينا في المنازل) . ولهذا أري أن الضراع يعتبر من منازل المطر في وسط السودان ولك التحية وشكرا للحفاظ علي التراث شوقي |
أخي خالد ..
الأخوة المتداخلين .. ربما يجدر بنا .. أن نكثر الحديث حول جانب هذا الأدب الراقي .. تراث شعبي .. أشعار فصيحة .. لغة سهلة ممتنعة ... المؤسف أن ود شوراني .. رحل عن دنيانا .. في وقت ليس ببعيد .. أعود .. |
عزيزى خالد الحاح
اقتباس:
ده تراث جميل أرجو أن لا تنسـانا من الحكايا الشعبية أيضآ تحياتى |
العزيز خالد
كنت حاسس أنو سكاتك دة، معناه راقد لك فوق راي! هذه ثقافة بديعة و"بوست" في غاية الأهمية و التثقيف وياخوي أقول لك يا دوبك: اقتباس:
واصل العزف و الشرح وياسلام على كلام أستاذنا شوقي بدري وغزارة علمه ياهو ده كلام ناس البطانة وأهل السافل و الصعيد والخبر الأكيد قالوا البطانة اترشت وسارية تجود حتى الصباح ما انفشت هاج فحل ام صريصر والمنايح بشّت وبت ام ساق على حدب الفريق اتعشّت أو كما قال الحردلو ياسلام واصل يا خالد (زدنا عشقاً زدنا)! |
(3)
الثريا: [align=center]لِي زَنْقْ التًريَا الَحرًو أَزًعَج وُضَيـَّـق وينْ النًادِي وَاصْفر وسيٍد وِِشَامآ زَيَّــقْ ذُوقُو اللًي أَمل دُنْياَ وْكتَير ما فَيَّــقْ خَرًتْ مُقْلَة القلَع الرٌسَانَة وْهيَّــقْ[/align] يستنجد ود شوراني من حر الثريا ، الذي أزعجه وضيق عليه بحبيبه النادي ويسأل عنه ليطفي هذا الحر معددا محاسنه لشدة الشوق . ويشير إل الوشم مقارنا أياه بلون باقي الجم وما يكسبه من روعة وجمال ويشير إلي ذوقه الذي طغي علي شاعرنا فلم يترك له عقلآ ينتبه ويفيق إلي واجباته وأعماله الأخر "ذوقه اللي أمل دنيا وكتير ما فيق" هذا الذوق جعل ود شوراني يظهر جمله أكثر الوقت حتى أصبحت مؤخرة رأس الجمل تسيل كما تسيل عينيه وأصبح لونها "كالحرقة" أو القطران . وهذه دلالة علي التعب رغم أن جمله قوي صعب المراس "القلع الرسانة وهيق" أي يقلع الرسن من ركبه وينطلق. |
اقتباس:
والهبشة ناسك فاتوها بي غادي |
اقتباس:
أشكرك للتوضيح والتفصيل ويا شوقي مرات قاعد تحيرني يا أخي إنت محسوب "ود بندر" ورغم عن ذلك الزول ما يهبشك في شي إلا يلقي عندك منه خبر ما شاء الله الله يديك العافية |
اقتباس:
أيام دراستي في الأفرو أيشن "جامعة الخرطوم" كان الأستاذ الطيب محمد الطيب يقدم لنا محاضرات في بعض الأحيان وهي من الظواهر الجميلة التي كانت الجامعة تحرص عليها إشراك الباحثين وتشجيعهم والأستاذ الطيب شخص نموذج للباحث الجاد أكاد لا أطيق كمثال الإبتعاد عن بحثه الشيق (الإنداية) . ليتنا نوثق لكل ضروب التراث السوداني. أنتظر عودتك بشوق |
الساعة الآن 07:57 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.