امرأة خضراء , رجل اخضر و حزن اسود ........
عاش كالعصافير الشريدة دوما .. وهبته البلاد التي أحبها رصيفا و حقائبا .. وهبته مملكة أمه حفنات من الدمع و حنانا كبيرا .. صرخ ذات يوم و هو يتأبط سفرا :
- أخر سنة أكون نفسي و ارجع ! قال لنفسه في أرض الأحلام ( كوني .. هيا ) فما كانت غير حطام من نزف و استلاب و هواجس .. سنتان و عاد مرة أخرة و هو يري البلاد مبتئسة فزفر زفرة حري في خاطره و قالوا له : ( لا مكان لك هنا .. ما أقسي العيش !) عاد مرة اخري يتابط سفره و يقول : - سنة و أخري ريثما تهدأ رياح الوطن القاسية و تعود مراكبي تمخر في أمان جزلي ! أصابه داء تضخم الحنين فبعث رسالة لامه فردت عليه بحفنات الدمع و سيل من النصائح : - البلد ياهو حالها .. قاسية .. قاسية ! تصرمت سبع حسوما فزوجوه بصبية كانت الغربة أيضا قدرها المحتوم مثل بقية العصافير الشريدة . من علي البعد تلمع خرائط بلاده القاسية في خاطره فيبكي و يشتهيها لكن العوز و المسغبة يحولان بينه و بينها . ذات يوم صدحت العصافير الحنونة بداخله فحزم حقائبه و عاد . كانت امه قد اهترأ كبدها من شدة الوجد و الحنين فماتت يوما حين بعثت له بخطاب و قالت : ( العيد الكبير كان ما جيت ما اظن تشوفني تاني .. الله يدي العافية ) كان يمشي في شوارع البلد و هو يقود بيمناه طفلا غريرا و حقيبة خضراء بداخلها حزمة أوراق نقدية خضراء و جواز سفر اخضر و صورة تذكارية لامرأة خضراء هي أمه لكن حزنه كان اسودا ! حين تابط سفره للمرة الاخيرة قال : - كم سنة و اكون قد ابتنيت لي بيتا فاعود . مع كل مدماك كان يرتفع في البناء كان ينهار مدماك من سني عمره بالمقابل و هكذا حتي تراكمت عليه ادواء الغربة ( سكر - ضغط ) و لاحقا حالة الفشل الكلوي . في تلك السنة كانوا يرقبون قدوم الجثمان بارض المطار و كما يودعون كل الاجساد في هذا العالم مثواها الابدي , اودعوه جسده هناك . قالت زوجته : - أوصي بان يدفن الي جوار أمه و حين وسد رأسه الي جانبها , أتاه صوتها الحنون من خلف دهاليز العالم الاخر فارتعشت روحه التي لم تمت و راي الناس قبرين يتحركان تجاه بعضهما في لهفة حتي صارا قبرا واحدا . |
سرد شيق ممتع و جميل رغم اعتصار الالم في جوانبه ..
لك التحايا يا رجل و زدنا بنثر المزيد .. |
أسلوبك في الحكي جميل يا معاوية،،
تصوير صادق لحالة الغربة، غربة المكان، وغربة النفس ____ قاعد اقراك، وبستمتع جدّاً بأسلوبك في الكتابة، بالتوفيق يا سيدي. |
الساعة الآن 06:09 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.