سودانيات .. تواصل ومحبة

سودانيات .. تواصل ومحبة (http://www.sudanyat.org/vb/index.php)
-   منتـــــــــدى الحـــــوار (http://www.sudanyat.org/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   فرآنك الباحثُ عن أسنانِ الموتيَ في دأبٍ! (http://www.sudanyat.org/vb/showthread.php?t=60020)

imported_معاوية محمد الحسن 07-02-2017 06:16 PM

فرآنك الباحثُ عن أسنانِ الموتيَ في دأبٍ!
 
أخذتُ أتطلعُ إلي وجهِ (فرآنك) لبُرهةٍ من الوقت ، كان متغضنِاً و ممتَقِعاً ، أو هكذا بدآ لي ، و كانت البُثورُ الحمراءُ قد تناثرت علي جبْهتهِ و خديهِ ، أما عيناهُ فكانتا ترُسلانِ وميضاً خافتاً من خلفِ نظارتهِ السميكةِ ، بينما سلسالهُ الأصفر ما يفتأُ يتأرجحُ علي صدرهِ المُغطيَ بالشعر الأشقر . هتفتُ : دنتْ ساعةُ الرجُل ! ، ثم وثبتُ كالنّمرِ باتجاههِ ،أرومُ أن أقضي عليهِ دفعةً واحدةً ، لكننيّ أحسستُ حرارةَ ساعدايّ تخمُدان , و أنفاسيَ تتتصاعد ،ثم تركُنُ إلي سكونٍ مفاجيءٍ ، ذاك السكونُ الذي يعتريّ الغريقَ حين يستسلمُ لقوةِ و عنفوانِ التيار. كانت تعابيرُ (فرآنك) خليطاً من تصاويرَ شتيّ مختلفة ، لمحتهُ يتراجعُ قليلاً نحو الوراءِ ، ثم يقفُ عاقداً كلتا ذراعيهِ علي صدرهِ و يبتسمْ . سقطتُ أرضاً ثم هممتُ بالنهوض مرةً أخري ، مُحاولاً أن أتقدمَ بإتجاههِ كي أُحطِمُ رأسه ، لكنّ ثمةَ قوةٌ قاهرة جعلتني لا أقوي علي شيءٍ . كانت صورتهُ تتعملق أمامي و كأنه أحد طيورُ الرُّخِ الخرافيةِ .لم تُسعِفني قوةُ الأنتقامِ كي أُحطم الشيطان المآثلَ أمامي . شعرتُ أنني بازاءِ شبحٍ هُلامي ،يفغرُ فاه الضخم و كأنه سيلتهمُ القريةَ كُلِها .

الكائناتُ تتداعي أمامي و الخواجةُ منتصبَ القامةِ ،يُبحلِقُ في وجهيَ المذعور هازئاً . فكرتُ أن أصرُخ و أُنادي العالمين ، لكنني طفقتُ أبحثُ عن صوتيَ فلا أكادُ أعثرُ عليهِ .تمنيتُ لو كان أبيَ مآثلاً الآن ، لربما كنتُ أكثرَ جُرأةً و إقداماً . أخذتُ أزحفُ علي بطني ، انفاسي تتقطع و فمي يُزبِدُ ، و هبطت برودةٌ عنيفةٌ علي صدري و ساعديّ ، شعرتُ أطرافي و قد تيبست ، صرتُ أُكورُ قبضة يداي و أهويِ بِهما علي الأديم في عنادٍ ،حتي لا أُحِسُ أنني ميتٌ . قاومتُ ضعفي . أرتفع جسدي من الخلفِ قليلاً حين زحزحتُ قدميًّ في صعوبةٍ بالغةٍ . أنا لستُ عاجزاً عن المقاومةِ و لكنني ميتٌ .!
لا ..لستُ ميتاً تماماً و سأنتقم .تسارعتْ نبضاتُ قلبي أكثر ، أيقنتُ ساعتها أني لم أزل حياً ، فقط قدمايَ أصابتهما قشعريرةٌ فريدةٌ في نوعها . رُحت أُفكِر: هل من المحتملِ أن المستر (فرآنك) إنسيٌ علي هيئةِ الجآن أم أنه جآن علي صورةِ الإنسان ؟

حاولتُ أن أقرأً شيئاً من القرآن لكنَ جوفي كان خالياً من آياتِ اللوحِ المحفوظِ ، ليس ثمة أيةٌ واحدة كانت تَختَلِجُ في فؤادي ساعتئذٍ ، بالكاد عثرتُ علي إسم الجلآلةِ الأعظم فأخذتُ أهتِفُ بهِ و جسمي يتصببُ عرقاً .
عند ذآك الحين ، رأيتُ الشمسَ و هي تعبُرُ الفضاء من الشرقِ الي أقصي دائرةٍ في الغرب ثم تميلُ برأسِها ناحية الأفقِ البعيد و كأنها ستسقطُ علي صفحةِ النيل،عندها فقط ،رفعتُ بصري بإتجاهِ قامةِ العملاق المرتفعةِ في الفراغ في يأسٍ بائن.دفعتُ إليهِ يديّ كي يلتقطني من الأرض، و كأنني شخصٌ واقعٌ في قعرِ بئرٍ مليئةٌ بالحيآتِ و الدوآهي، يلتمسُ النجدةَ .

منذُ تلك اللحظة التي إمتدت إليَّ فيها يد الخواجة فرآنك ، ألجمتْ قوةٌ سحرية غامضةٌ براكينَ العُنف و الثورةِ في داخلي ، فتحولتِ العدآوةُ إلي محبةٍ ، هكذا آلفيتُ نفسيَ مُتَورِطاً بالعلاقةِ الأثمة . صار (فرآنك) جرِّيتمي التي لا تُغتفر ، و أضحيتُ قَدَرهُ الذي لا فِكاكَ منه .و عند أولِ المساء ، نفضتُ عن جسدي غُبارَ وقائعَ معركةٍ خاسرةٍ ، ثم مشيتُ باتجاهِ البيوت ، مثلما يمشيِ جُنديٌ مثخنٌ بالجرآحِ و الهزيمةِ ،و كانت القريةُ في تلك الساعةِ ، قد أخذت لتوِّها تستعيدُ هدوئَها و ظُلمَتِها الحالكةِ!

عن (تباريح الخوآجة فرآنك )...
معاوية محمد الحسن ..
يوليو2016-فبراير2017[/B]

النور يوسف محمد 07-02-2017 07:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم


وهكذا ،

حقّ لى أن أفاخر بإعجابى اللا محدود بنصوص الأخ معاوية
فهى دوماً ما تنقلنى الى فضاءات وعوالم من المتعة والدهشة والإبهار ،

فى هذا النص العميق يمكن للقارئ أن يتسكع فى تفاصيله ،
ويرتاد أقبيته ، كما له أن يحلق بعيداً فى سماوات مراداته ومبتغاه ،

كل ذلك فى صمت باسم وشعور عذب وخدر لذيذ ،،

أضفى العنوان على النص ،
مسحة من توجس ، بضع تساؤلات وأجوبة حيرى ،
ضاعفت من شد القارئ ودفعته الى فضائل التأمل دفعاً ،،


شكراً يا معاوية ياخ

imported_معاوية محمد الحسن 08-02-2017 06:15 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النور يوسف محمد (المشاركة 537418)
بسم الله الرحمن الرحيم


وهكذا ،

حقّ لى أن أفاخر بإعجابى اللا محدود بنصوص الأخ معاوية
فهى دوماً ما تنقلنى الى فضاءات وعوالم من المتعة والدهشة والإبهار ،

فى هذا النص العميق يمكن للقارئ أن يتسكع فى تفاصيله ،
ويرتاد أقبيته ، كما له أن يحلق بعيداً فى سماوات مراداته ومبتغاه ،

كل ذلك فى صمت باسم وشعور عذب وخدر لذيذ ،،

أضفى العنوان على النص ،
مسحة من توجس ، بضع تساؤلات وأجوبة حيرى ،
ضاعفت من شد القارئ ودفعته الى فضائل التأمل دفعاً ،،


شكراً يا معاوية ياخ

شكرا عزيزي استاذ النور ...

بل حٌقَ ليِّ أنا أن أفتخر بانك تقرأ لي ..
أنا عاجز عن الشكر و سعيد لمرورك من هنا .


الساعة الآن 10:12 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.