ضــد الآيـدولـوجيا
قراءة في شيزوفرينيا الممارسة السياسية |
و كل التجارب الشمولية في السودان ولدت من رحم الآيدلوجيا (الأحزاب العقائدية) يميناً و يساراً...
|
سينأى البوست قليلاً عن المغالطات التاريخية، و سيتجه صوب التشريح السيكلوجي لتركيبة الأحزاب العقدية و الظلال التي ألقت بها على تجربة الحكم
|
تمثل الايدلوجيا ضرب من المعرفة غير المرتكزة على منهج علمي.... وهي لغة تشير إلى العقيدة أو علم العقيدة...
أما الأيدلوجيا كمصطلح فتشير إلى المنظومة الفكرية والعقائدية الشاملة التي تحتوي على مجموعة من الخلاصات النظرية و المعتقدات والأفكار والقيم والممارسات، والتي تشكل في مجملها رؤية أو تصور لما يجب أن يكون عليه المجتمع في كافة نظمه . وهي عندما تدخل حيًز الطرح السياسي تعبر عن مصالح وأفكار وفلسفة أقلية من الناس يظنون بأنها مصالح المجتمع كله يؤمنون بها حد التقديس و يعملون بكل ما في وسعهم من أجل إنتشار و ضخ هذه الأيدولوجيا في شرايين المجتمع، والذي دائماً ما تعمل هذه الأفكار على حجب رؤيته المستقلة والمحايدة للأشياء ، وتلبسه العدسات التي من خلالها ينظر لكل ما حوله ، حيث لا تترك له سبيلاً للتفكير المستقل ، على الأقل من الناحية النظرية .و هي بهذا تشكل بعداً نظرياً لمصالح ما و نزعة براغماتيىة. لا تستند الآيدلوجيا على تحليل شامل أو محايد لمعطيات الواقع البشري، فهي تمارس إنتقائية في إستيعاب هذه المعطيات؛ إذا تنظر فقط لما يتسق مع مصالحها و تلغى كثير من المعطيات الأخرى. إذن هي في الأساس مصابة بالعرج المنهجي و الرؤية الآحادية لما هو موجود من معطيات و حقائق تتعلق بالمجتمع و الوجود. ربما تلتقي هذه التعريفات أو تختلف مع أخرى...فالمفهوم تلفه بعض الضبابية و التفلتات |
تصبح الأيدلوجية أكثر خطورة عندما تصبح طرحاً حزبياً يراد به صياغة المجتمع وإعادة ترتيبه في كافة نظمه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية وفق معايير ثابتة وجامدة، وبمختلف الوسائل.
|
.يتبع...
. |
الأخ خال فاطمة ، أرجو قبل المتابعة مراجعة النقاط أدناه والتي تتعلق بتعريفات وتفسيرات قدمتها هنا لمعاني ومدلولات كلمة " آيدلوجيا" أعتقد بأنها تحتاج لضبط أكثر ....
تقول : اقتباس:
ثم: اقتباس:
أعتقد أنو في شوية تناقض هنا !!!! اقتباس:
اقتباس:
ل اقتباس:
1- أهداف بخصوص كيفية حكم المجتمعات ,,, 2- برامج لتحقيق تلك الأهداف .. وبالضرورة لا بد لها أن تكون في سعيها ذلك مستندة على تحليلات دقيقة لمتطلبات المجتمع.. آسف على قطع تداعيات أفكارك ولكني أحببت أن أركز على بعض الجوانب التى بدت قد تخل بشكل ما بما ستورده لاحقاً |
يا أبو حميد سلامات ياخ....شاكر لملاحظاتك طيبة النية، و العمل ما زال في بداياته
اقتباس:
اقتباس:
العمل معني أساساً بالنظر في بالأحزاب العقائدية بإعتبارها نموذجاً للأيدولوجيا السياسية التي يعتنقها بعض من البشر قليل، و يسعون لأن تكون أدبياتها هي نبض الحياة في المجتمعات التي تُتاح لهم فيها فرصة سلطة... اقتباس:
اقتباس:
ليك مليون تحية و إنت دخلت على البوست من الباب المحبب لي... ما ورد كان توطئة، و الكاتب مستبطن مآلات البوست صوب الأحزاب العقائدية السودانية، لذلك بعض التعريفات و التي هي في جزء منها إجتهاد شخصي في الأستفادة من و تعديل ما سبق غير بريئة من هذا الإستبطان .................. |
إعادة صياغة المجتمع وفق الرؤية الإيدلوجيةالضيقة باعتبارها (الصاح ) المطلق و بطريقة الهيمنة على الوسائل اللازمة يعني مصادرة حرية الإختيار و وأد الوعي بالآيدلوجيا...
ولقد أثبتت التجارب أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال ممارسة سلطة أُحادية الوجهة، الأمر الذي يجعل من النظام الشمولي ونظام الحزب الواحد حقيقة ملازمة للأيدلوجيا ونموذجاً مستبطناً ... تحتاج الأيدلوجيا إلى الهيمنة على كافة السلطات بالدولة ، والتي تمكنها من فرض نموذجها الشمولي وتمكنها من السيطرة على كل الوسائل التي بموجبها يتسنى لها أن تضُخ أدبياتها في الحياة اليومية في إطار بروباغندا مجنونة. تهدف هذه البروباغندا أحادية الأتجاه و التي لا تستصحب المنافسة الشريفة و المتكافئة الفرص إلى إعادة صياغته المجتمع وتشكيله عبر الإعلام و التشريع و مؤسسات التربية و التعليم. هذا الإتجاه لتشكيل المجتمع يلغي مبدأ الإختيار و الوعي بالأيدولوجيا لدى المجتمع المستهدف السعي للسيطرة على هذه الوسائل وغيرها يقودنا إلى حقيقة مفادها أن صياغة المجتمع في هذه الحالة لا تتم وفقاً لعمليات طبيعية الأمر الذي يجعل من الانقضاض الشرير على السلطة هدفاً مستبطناً وباقياً . |
لم تسلم الحياة الفكرية والسياسية في السودان من مثل هذه النماذج حيث قامت منذ وقت مبكر أحزاب ذات توجهات أيدلوجيا وأصبحت جزء من الواقع السياسي . ولعل أبرز هذه الأحزاب في السودان الحزب الشيوعي السوداني والجبهة الإسلامية السودانية واللذان قامت على أكتافهما أعتى تجربتين شمولييتين في تاريخ السودان. إضافة إلى حزب البعث العربي و الذي أتى بذات النموذج في بعض الدول في المحيط الإقليمي
أكثر ما يميز هذه الأحزاب ذات التوجه الأيدلوجي أنها تعيش حالة من الفصام والازدواج في ممارستها السياسية . وانفصام الشخصية كمرض نفسي يعني في أبسط صوره أن يعيش الفرد بأكثر من شخصية وهي حالة مرضية تطمس وتصيب الهوية الفكرية والنفسية . يصبح الفصام أكثر خطورة عندما يكون سمة نفسية ملازمة لحزب. تتجلى حالة الفصام لدى الحزب الأيدلوجي في أنه يعيش بوجهين أو عقلين أحداهما ظاهر والآخر باطن . يرتبط العقل الظاهر دائماً بحالة المعارضة... أما العقل الباطن فيبرز للوجود عند الاستيلاء على السلطة . الحالة الأولى أي (العقل الظاهر ( دائماً ما يتقمصها الحزب الأيدلوجي عندما يكون معارضاً ، ويرتبط خطابه في هذه الحالة بشعارات مثل (الديمقراطية ، التعددية ، حقوق الإنسان ، المرأة ، ...إلخ ( حيث يحاول ان يخاطب اكثر القضايا الوطنية نبلاً؛ هذه الحالة يتقمصها الحزب بإعتبار أن جو المعارضة دائماً ما يضعه في ظروف يكون فيها مضطراً إلى أن يكون قريباً إلى وجدان الناس وهمومهم وقضاياهم . وحتى يتمكن من إستقطاب أكبر قدر من التعاطف لعمله المعارض ، كما يأتي هذا الاضطرار كذلك لمسلمة مفادها أن الفكر الإنساني السوي والصالح قد تجاوز مفاهيم مثل الشمولية والحزب الواحد حيث أصبح من المخجل المجاهرة بمثل هكذا رؤى. تمثل الحالة الثانية (العقل الباطني) الوجه الحقيقي للأيدلوجيا. حيث يشير علماء النفس إلى أن العقل الباطن يختزن حقائق الشخصية وتجاربها الخاصة . ترتبط هذه الحالة دائماً بالاستيلاء على السلطة وممارستها وتجعل هذه الحالة خطاب الحزب وممارسته على النقيض تماماً لما كان عليه في الحالة الأولى . وتتجلى هذه الحالة في الاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم تأسيس نظام شمولي يصادر الآخر ويقصيه، و التأسيس لخطاب ايدولوجي شرس وما يتبع ذلك من انتهاكات وخطايا في حق الإنسان والقيم . |
و يتبع...
|
أطيب التحايا خال فاطنة
اتابع هذا السياق المتبصر لا فض قلمك يا خال أستوقفني ربطك للايدلوجيا بالعقيدة و أتفق معك تماما هنا و لكن ماذا عن الدين ؟؟ و هل يمكن عده شكل من أشكال الأيدلوجيا أم أنه سياق آخر مختلف و لكنه فقط يلتقي مع الأيدلوجيا في بعض المفاصل ما ساقني الي هذا الاستطراد و إقحام الدين هنا هو وجود بعض الايدلوجيات التي ترتكز علي الدين و بالتالي فالأمر مربك نوعا ما. في تصوري أن كل دين هو بالضرورة عقيدة و لكن ليست كل عقيدة بالضرورة دين فهل يمكننا و من هذا الباب إخراج الدين من حوش الأيدلوجيا مع الغقرار بأنهما جيران حيطة بالحيطة. وقفت كذلك في قولك بأن الايدلوجيا ضرب من المعرفة غير المرتكزة على منهج علمي و في تصوري أن هذا القول يسير تماما علي الدين فهو يقوم علي كتير من المعتقدات الغيبية التي هي ليست علمية. و لكن التعميم بان الأيدلوجيا علي إطلاقها لا ترتكز إلي المنهج العلمي فيه تجاوز بشكل ما. و التعميم هنا سيظلم بعض الايدلوجيات التي خرجت في الأساس من عباءة العلم. و لكن يلزم بداية الإتفاق علي مفهوم مشترك للمنهج العلمي في تصوري أن المنهج العلمي هو المنهج الذي يقوم علي مبادئ العلومية و أهمها الموضوعية في دراسة الظاهرة و الاستناد الي الملاحظة و التجربة في استخلاص النتائج و من ثم صياغة النظرية أو القانون. المأزق الحقيقي الذي يواجه التسليم بعلومية أي أيدلوجيا من عدمها يأتي من كون الأيدلوجيا (الوضعية) هي في النهاية تصور إنساني لمجموعة من الظواهر الحياتية التي لا يمكن الربط بينه و إدراجها في نموزج إرشادي محدد كما في علم الفيزياء مثلا. و لكن هذا لا يمنع أن بعض الأيدلوجيات (الوضعية) كالماركسية مثلا و لست ماركسيا و أختلف معها جذريا حتي لا يفهم حديثي في سياق دفاعي أو ترويجي. أقول بأن الماركسية و بغض النظر عن صحة النتائج التي توصلت اليها قد خرجت في الأساس من عباءة العلم و بالتالي فقد اتبعت منهجا ماديا علميا صارما علي مستوي التنظير في دراستها للظاهرة الإنسانية. ساعود بعون الله فالحديث هنا طازج و يانع و أرجو ألا تكون مداخلتي يا خال قد تسببت في قطيعة لمخطط السياق. |
اقتباس:
و بعد اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
و لحين عودتك يبقى البوست فاقد نكهتك المميًزة يا حالد |
تتراوح الممارسة السياسية للأحزاب الأيدلوجية بين هاتين الحالتين ومن المضحك أن التحول من حالة إلى حالة يتم بصورة دراماتيكية ساذجة لاترقى حتى لمستوى التكتيك الواعي والتحايل الفكري .
ولعل الحزب الشيوعي السوداني نموذجا واضحا لهذا الفصام؛ فالناظر لتاريخه السياسي يلاحظ ان الحزب ظل منادياً بالديمقراطية وغيرها من الشعارات الجميلة في خطابه وأدبه طوال فترة عبود بل أكثر من ذلك كان له دور مؤثر في إشعال ثورة اكتوبر والتي كان مقصدها إنها ء العهد الدكتاتوري القائم وتأسيس نظام ديمقراطي على أنقاضه ، وتقمص الحزب في هذا الوضع الحالة الأولى ؛ أي العقل الظاهر للأيدلوجيا، حيث توفرت كل شروط ممارسته .......... حتى جاءت مايو والسلطة وموقفاً فكريا جديدا يكشف عن الوجه الآخر للآيدلوجيا، و يقف على النقيض تماماً للحالة الأولى ويتجلى في الاستيلاء على السلطة بالقوة ومن ثم تأسيس نظام شمولي قابض علاوة على الهيمنة على كافة وسائل ضخ الآيدلوجيا في نبض الحياة و تفاصيلها. ولسنا هنا بمحاكمة ما إذا كانت مايو شيوعية حقاً أم لا ، ونكتفي ببعض الملاحظات قي هذا السياق، و التي أوردها الصادق المهدي، منها تورط الكادر العسكري للحزب في الإنقلاب وتمثيل الكادر المدني في الوزارة اضافة إلى رعاية الروس للنظام الجديد |
أما الجبهة الإسلامية فهي الأخرى تنطبع تجربتها السياسية بذات الطابع المنفصم . فخطابها االمعارض في كافة المراحل مشحون بنفس الأدبيات التي تدل على ممارسة العقل الظاهر للأيدلوجيا ، كما أن تجاربها النضالية تسجل لها مواقف ميدانية للمشاركة في انتفاضات ضد النظم الشمولية ، وهي هنا تمارس عقل وأدب توفرت كافة شروطه . ولكن ظل العقل الآخر مستبطناً إلى أن تهيأت له كافة شروطه حيث جاءت الانقاذ بدورها كاشفة عن الوجه الآخر للأيدلبوجيا ، قوضت الديمقراطية والحرية وأسست نظاماً شمولياً قاسياً ومن ثم سيطرت على كافة الوسائل التي بموجبها يتسنى لها حقن المجتمع بالآيدلوجيا وإعادة صياغته وفقاً لمشروعها
نخلص من هذا إلى أن الأيدلوجيا تعاني حالة منالفصام والازدواج في بنائها السيكولوجي والفكري وأن الحزب الأيدلوجي يظل يستبطن برنامجاً شمولياً مهما تبنى من شعارات وأدبيات تمليها ظروف وشروط مرحلة . ـــــــــــــــــــــ هامش: بعض التعريفات و المفاهيم حول كلمة أيدلوجيا إستفادت مما ورد في كتاب جلال الطيب مع بعض التعديلات و الإضافات من الكاتب |
الساعة الآن 09:07 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Beta 2
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.